ما هي مراحل فرض الصيام ، التشريع في الإسلام انفرد عن بقية الأديان بالتدرج في تأكيد الأحكام، والسبب في ذلك مراعاة لطبيعة النفس البشرية وما خلقت عليه من قيم، ومبادئ، ويعتمد أصل التدرج لتشريع الأحكام في الإسلام أن تكون الأحكام مناسبة لطبيعة البيئة المحيطة، والأشخاص، وما جبلت عليه النفوس مع مراعاة رفع الحرج، ومنع حصول أي أذى، أو ضرر، وبعد ذلك تفرض الأحكام التي لا ينبغي لها أن تتغير، أو تتبدل حتى لو تغير المكان، أو الزمان، ومن ضمن هذه الأحكام التي تعرضت للتدرج من قبل المشرع هو تدرج أحكام الصيام، وفي مقالنا سوف نتطرق مراحل التدرج لأحكامه مع توضيح مراحله التي مر بها.
متى فرض الصيام
فرض صوم رمضان في شهر شعبان في العام الثاني من الهجرة النبوية، وهو فرض على المسلم البالغ العاقل المتمتع بالقدرة على الصيام، ويستثنى من هذه الشروط الصغير، والمجنون، ومن لا يملك القدرة الصحية، والبدنية على الصيام، ومصدر تشريعه في قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة: 183]، واجتمع علماء المسلمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى ساعتنا على فرضية الصيام.
ما هي مراحل فرض الصيام
- الباحث في أحكام الشريعة الإسلامية يدرك أن الأحكام التي نعيشها الآن تفصل إلى نوعين.
- أحكام عندما شرعها الله، وسنها النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدث لها تغيير، أو تعديل إلى عصرنا الحالي.
- أحكام قد نسخ حكمها، أو تبدل مراعاة لظروف الناس حسب مكانهم، وزمانهم.
- ومن هذه الأحكام التي مرت بمرحلة النسخ في أحكامها، وتغيرت بتغير حال المسلمين منذ بداية الدعوة الصيام فنجد أن الصيام مر بثلاثة مراحل من التغيير حتى وصل للكيفية التي نعيشها في عصرنا الحالي.
المرحلة الأولى من الصيام
بدأ المسلمون في أول دعوة الإسلام بصيام يوم العاشر من محرم، وكانت القريشيون يصومون هذا اليوم قبل بداية دعوة الإسلام في جاهليتهم تخليدًا لليوم الذي نجا الله فيه موسى من فرعون.
كان صيامه واجبًا، ولا يباح فطره إلا لعذر، وكان ذلك قبل هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فرض صيام يوم عاشوراء في العام الأول من الهجرة ثم نسخ حكم صيام بعد فرض الصوم في العام الثاني من الهجرة.
المرحلة الثانية من الصيام
بعد ان فرض الله صيام يوم العاشر من محرم نسخ هذا الحكم بعد فرضية صيام رمضان، وذلك بعد نزول قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة: 183].
كان المسلم في هذه المرحلة مخيرًا بين الصيام، والفطر لما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم( من شاء صامه، ومن شاء تركه).
بعد ذلك نزل قول الله سبحانه، وتعالى: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة: 184].
هذه المرحلة من التشريع كان من لم يطيق الصوم لمرض، أو سفر كان مباحًا له الفطر في رمضان على أن يقضي هذه الأيام بعد انقضاء الشهر فكان مخيرًا بين الصوم، وإخراج الفدية.
المرحلة الثالثة من الصيام
تمثلت هذه المرحلة من التشريع من فرضية الصيام أن المسلم من الواجب عليه الصيام دون اختيار له في الصوم، أو عدمه.
تبين هذا التشريع بعد نزول قول الله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[البقرة: 185].
نسخت هذه الآيات حكم آيات ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ فاكتسب الصيام فرضيته التي نجدها في وقتنا الحالي.
الفرق بين الصوم المفروض، والتطوع
- نجد أن الصيام في شريعتنا الإسلامية يختلف باختلاف مواسم الطاعات فمنه المفروض، ومنه التطوعي الذي يعشق صومه كثيرًا من الناس، وذلك امتثالًا لسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
- الصوم المفروض له أيام محددة قد أنزلها الله في كتابه، وكان الصيام المفروض قبل رمضان هو صيام العاشر من محرم.
- صوم التطوع ليس له أيام معينة، ويحرم الصوم التطوعي في بعض الأيام كأيام العيدين، وبعض الأيام الأخرى.
- يمكن أن يكون صيام بعض الأيام مفروضًا بعد رمضان، وذلك بسبب قضاء الأيام الفائتة من رمضان، أو الكفارات.
- يحرم إفطار يوم من أيام رمضان متعمدًا بدون عذر شرعي، بل يأثم فاعله، ولن يكفيه صيام العام كله عن ذلك.
- يصبح من الواجب على المسلم صيام ستون يومًا متتابعة دون انقطاع، وذلك في نوع من الكفارات، أو الجماع في نهار رمضان.
- من الأيام التي يسن صومها تطوعًا أيام عاشوراء، وعرفة، الأيام القمرية، ست من شوال، الاثنين، الخميس.
- لا يأثم المفطر في أيام التطوع لفطرة.
أحوال الناس في الصوم
تختلف أحوال الناس في الصيام باختلاف أحوالهم، وينقسمون إلى ثلاثة أقسام
يجب عليه الصيام، وهو كل مسلم بالغ، عاقل خالي من الأمراض التي تمنع من الصيام، والأعذار الشرعية كالحيض، والنفاس.
يجب عليه الفطر، وعليه القضاء بعد انتهاء رمضان، وهم أصحاب الأعذار الشرعية الحائض والنفساء.
يجوز لهم الفطر، والصوم، وهم المريض والمسافر.
أحوال المريض وقت الصوم
المريض له ثلاثة أحوال تختلف بحسب المرض الذي أصابه.
أيضًا المرض اليسير وأعراض البرد الخفيفة فلا يجوز له الفطر.
المريض الذي يأمل شفاؤه، ولكن إذا صام يؤجل شفاؤه فيستحب له الفطر، ويكره له الصوم، ويقضي أيامه بعد رمضان.
المريض الذي لا يأمل شفاؤه، ويهلك إذا صام فيجب عليه الفطر، ويحرم عليه الصوم.
اقرا ايضًا :
ما هي أهم الأعمال في رمضان وأهم فوائد الصيام
أحوال المسافر في الصيام
- السفر الطويل لمسافة يشق عليه الصيام مع هذا السفر، ويمنعه من تحصيل الخير فيجوز له الفطر.
- والسفر القصير لمسافة لا يشق عليه الصيام فيه، ولا يمنعه من تحصيل الخير فالصوم في حقه أولى.
- السفر الذي يعرض صاحبه للهلاك فيجب عليه الفطر.
وفي نهاية بحثنا الذي قدمناه أصبح لدينا من العلم ما يمكننا من معرفة متى فرض الصيام، وما المراحل التي تطرق لها التشريع في فرضية الصيام، و نكون قد وصلنا إلى مدارك الخير لمعرفة الصيام معرفة تفصيلية في الشريعة، وأصولها، ويجب على المسلم استغلال هذا الشهر بالشكل الذي يرضي الله سبحانه, تعالى بتلاوة القرآن، والاستغفار، وفعل الخيرات الذي يعود عليه بالنفع في دنياه وأخراه.