شروط إفطار المسافر في رمضان ، الناظر للشريعة الإسلامية بعين التدبر يجد أنها معتمدة في مجملها على التيسير، والتخفيف على أتباعها، ومراعاة أحوال المكلفين بالعبادات، وقدرتهم على أدائها في فعل الأوامر، وترك النواهي بحيث لا يتعدى ذلك مبادئ الأساسية للتشريع بدون إسراف، ولا تقطير، ويعتبر الصيام من الفرائض التي شملها التيسير، والتخفيف مراعاة لحال الصائم لقوله تعالى في آيات الصيام ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[البقرة: 185] فأجاز للمريض، والمسافر الفطر في نهار رمضان، ولكن بالشروط، والضوابط التي حددتها شريعة الإسلام تخفيًا، وتيسيرًا عليهم.

شروط إفطار المسافر في رمضان

تعتبر الرخص في الإسلام من العلامات التي تعتبر مدخلًا للتيسير، والتخفيف في مبادئ التشريع في الإسلام فإذا حدث لأحد المكلفين بالعبادات مشقة، أو عدم التمكن من أداء الفريضة فإن شريعة الإسلام أباحت له الأخذ بالرخص تيسيرًا عليه فيؤدي منها ما استطاع، ويتوقف عند حدود قدرته في أدائها، ومن ضمن من رخصت له الشريعة الفطر المسافر.

  • تجيز الأحكام الأخذ بالرخص من باب التيسير، وعرفها علماء الشريعة بأنها التيسير على المكلف، وتخفيفًا له عند وجود العذر الموجب للتخفيف مع وجود السبب المؤكد للحكم الأصلي.
  • يعتبر السفر من ضمن الرخص التي تجيز الإفطار في نهار رمضان، مع جمع الصلاة، وقصرها.
  • دل على ذلك الكثير من الآيات، والأحاديث النبوية الشريفة الدالة على معنى الأخذ بالرخصة للتيسير، ورفع المشقة.
  •  قال تعالى: (يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وقَارِبُوا، وأَبْشِرُوا، واسْتَعِينُوا بالغَدْوَةِ والرَّوْحَةِ وشيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ).

حكم الإفطار في السفر

أجاز الله عز وجل للمسلم الإفطار في نهار رمضان عند وجود الأعذار الموجبة لذلك، ومن ضمم هذه الأعذار السفر.

  • السفر عبارة عن انتقال الأفراد من مكان لآخر، ويترتب على هذا السفر عدة أمور مثل تجهيز المؤنة للسفر البعيد مسافته.
  • يباح للصائم الإفطار في نهار رمضان في السفر البعيد، وهو السفر الذي يباح فيه للمسافر قصر الصلاة الرباعية.
  • تقدر هذه المسافة لهذا السفر بنحو تسعة، وثمانون كيلو متر كما اتفق عليه معظم الفقهاء.
  • المفاضلة بين الإفطار، والصوم في السفر
  • تعددت الآراء الفقهية في مسألة إفطار المسافر في نهار رمضان هل الفطر أولى أم الصوم أم أنهما على قدر متساوي، ويفصل هذا الأمر على النحو التالي:
  •  جمهور العلماء أي أغلبهم مذهبهم إلى أن الصوم أولى للمسافر بشرط ألا يجد المشقة في الصوم ، ولا يتعبه، أو يضعف جسمه، وذهب أيضًا إلى أولوية الصوم للمسافر مذهب الحنفية، والشافعية بالشرط السابق ذكره، وأضافوا عليه شرطًا، وهو ألا يكون عامة الناس المسافرين معه مفطرين، وأن لا يكون المسافر مشتركًا مع أحد المسافرين فى مؤنة السفر.
  •  مذهب الحنابلة قالوا أن الفطر أولى للمسافر سفرًا يباح معه قصر الصلاة، وأقروا أيضًا أن الصوم للمسافر مكروه حتى مع انتفاء المشقة في السفر.
  •  ذهب البعض الاخر من الفقهاء إلى أن الصوم، والإفطار في السفر على حد سواء فللمسافر الاختيار بين الصيام، والفطر في السفر، واستدلوا على ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : (أنَّ حَمْزَةَ بنَ عَمْرٍو الأسْلَمِيَّ قالَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أأَصُومُ في السَّفَرِ؟ وكانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ فَقالَ: إنْ شِئْتَ فَصُمْ، وإنْ شِئْتَ فأفْطِرْ).

من نوى الصيام ثم سافر بعد صلاة الفجر

  • اتفق جمهور أهل العلم على أن من نوى الصيام، ثم جاءه سفر بعد صلاة الفجر لا يباح له الفطر، ويتوجب عليه أن يتم صومه، وتعللوا في ذلك بأن الصيام فريضة كالصلاة لا يجوز الخروج منها إذا بدأت كذلك الصيام لا يجوز للصائم إذا بدأ صيام يومه ألا يبطله.
  •  أجاز الحنفية الفطر للمسافر إذا وقعت عليه مشقة بسبب السفر، ويجوز له قضاء اليوم بدون إخراج الكفارة.

حكم من أراد قطع صومه أثناء سفره

تعددت الآراء في ذلك وتفصيلها كالآتي:

  •  المذهب الحنفي، والمالكي: إذا أصبح المسافر صائمًا، ثم رأى أنه يريد الإفطار فذلك حرام عليه لأنه أفطر في يوم يجب عليه الصوم فيه، ويأثم بفعله، وعليه القضاء، والكفارة.
  •  المذهب الحنبلي، والشافعي: إذا أصبح المسافر صائمًا، ثم أراد إنهاء صومه فإنه يجوز له ذلك مع القضاء بدون الكفارة.
  • حكم إفطار المسافر بعد الوصول لمحل الإقامة
  • اجتهد اهل العلم للوصول لرأي في هذا الحكم، وفصلت أراءهم كم يلي:
  •  المذهب الحنفي، و الحنبلي: أقروا بوجوب إمساك المسافر عن الطعام، والشراب بعد وصوله من سفره، لأنه لو كان مقيمًا من أول النهار لوجب عليه الصوم فالصوم أولى، وإذا وصل لمحل إقامته أثناء ساعات النهار، وكان مفطرًا فعليه القضاء.
  •  المذهب المالكي، والشافعي: أقروا بعدم وجوب الإمساك على المسافر بعد بلوغه محل إقامته في نهار رمضان، وكان مفطرًا، وعليه القضاء حينئذ، وإذا بلغ محل إقامته، وكان صائمًا وجب عليه الإمساك.

شروط الإفطار للمسافر في نهار رمضان

يتوجب عند إباحة الفطر للمسافر في نهار رمضان أن يستوفي العديد من الأمور على النحو التالي:

  • يكون السفر في غير معصية الله عز وجل لأن الفطر رخصة للطائعين، وليس للعاصين.
  • يبلغ السفر المسافة التي يجوز فيها قصر الصلاة، وهي تسعة، وثمانون كيلو متر حتى يباح له الفطر.
  •  أن يكون المسافر مبتدئًا يومه بالصوم، ولا يفطر قبل بداية السفر، ولا يفطر لمجرد عزمه على السفر لأنه يمكن أن يحدث شيء يمنعه من السفر، أو يعدل عنه.
  • يكون الفطر للمسافر بعد خروجه، وابتعاده عن منازل بلدته.
  • إذا كان مسافرًا بالطائرة فلا يفطر إلا بعد إقلاعها، وابتعادها عن بنيان بلاده.

اقرا ايضًا :

فضل العمل في رمضان للفوز بالأجر والثواب أثناء ساعات الصيام

هل يجوز الصيام في السفر

أجمعت المذاهب الأربعة على أنه يجور الصيام للمسافر واستدلوا على ذلك بحديث انس بن مالك رضي الله

سَافَرْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في رَمَضَانَ، فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ علَى المُفْطِرِ، وَلَا المُفْطِرُ علَى الصَّائِمِ

حكم إتمام السنن وصلاة التراويح للمسافر في رمضان

  •  إذا صلى المسافر في رمضان الصلاة جميعها وراء الإمام فإنه يصلي السنن.
  •  إذا قصر المسافر الصلاة فلا يصلي السنن، وله أن يصلي بنية النافلة المطلقة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفل على ناقته في السفر فإذا جاء وقت الفريضة نزل، وصلى.
  • كما يستحب له قيام الليل إذا وجد في نفسه نشاطًا.

وبنهاية مقالنا نكون قد أخذنا بشيء من التفصيل أحكام السفر في رمضان، وأحكام الفطر للمسافر في رمضان ونكون قد علمنا علمًا يقينيًا أن الله الله عز وجل يحب أن تؤتى رخصة كما يحب ان تؤتى عزائمه، وأن الرخص من شيم الإسلام السمحة تخفيفًا على الناس حتى يؤدوا فريضتهم على النحو الذي أقره في كتابه، وما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فالله نسأل ان يعلمنا ما ينفعنا ، وأن ينفعنا بما علمنا إنه ولي ذلك ، والقادر عليه وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.