الاعتكاف في رمضان فقد اهدانا النبي صلى الله عليه وسلم سنة من أرفع الهدايا ومن اغلي السنن وكل سننه غالية آل وهى سنة الاعتكاف في المسجد، واختص هذه السنة الغالية بأغلى شهر، فهذا الشهر هو أيضاً من أثمن الهدايا في حد ذاته فأصبحت هدية تتضمن هدية فما أجمل عطاياك يا رسول الله وكل عطائك لنا هدية، هيا إذا لنعرف سويا مزيد من التفاصيل عن هذه الهدية الشيقة.

الاعتكاف في رمضان

إنها تقع في خير الليالي وهى العشر الأواخر من رمضان، ودليلنا في ذلك كما ذكرت أم المؤمنين عائشة رضي اللَّه عنها عن النبي فقالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان )

ماذا يعني الاعتكاف في الشريعة

  • الاعتكاف هو المكوث في المساجد مع استحضار النية بالعبادة والطاعة والتقرب لله وحده.
  • مأخوذًا شرعاً عن القرآن والسنة والإجماع ليتحقق بذلك الانتقال الى معية الله وحده.
  • والتعمق في ربوبيته مما ينشأ معه حالة تزداد فيها علاقة العبد بربه لدرجة كبيرة تقوى معها الصلة والاتصال مع الله.
  • إلى الحد الذي يسمح له ويساعده على تزوده واقتباسه كل ما ينقصه من إيمان عالي بحكم ما ادخر من هذه الرحلة.
  • التي طالما كانت بها شحنة وطاقة بل وهمة إيمانية عالية، فيعود إلى حياته التي اعتاد عليها ليمارس أعماله الماضية.
  • ولكن الآن بوجه جديد وقلب عامر بالإيمان يقوى على مواجهة المصاعب.

شاهد أيضاً :كيفية الإعتكاف في ليلة القدر وخاصة في ظل جائحة كورونا

الاعتكاف اصطلاحا

والاعتكاف في المصطلح نجده هو ملازمة المسجد واتخاذه بقصد عبادة الله بصفة مخصوصة من شخص مخصوص.

الحكمة من الاعتكاف

ولذلك فإننا نجد من حكمة الاعتكاف: إصلاح نشأ بالقلب فاستقام مما جعله يسير متجهاً إلى الله مقبلا على الله وحده متخذًا طريقه أنس بالله منشغلا به متفكرا ليس إلا في تحقيق مرضاته وحده.

صفة الاعتكاف للنبي محمد

وحينما نتساءل عن صفة الاعتكاف وكيف كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يعتكف في مسجده بالمدينة؟

نجده كان صلوات الله عليه يأمر بعمل خباء وهو على هيئة خيمة فيقام له في المسجد.

فيظل به ماكثا بعيدا عن الناس مقبلا على ربه حتى يتسنى له الاستشعار بمعية الله وحده.

وحينها يقع في قلبه الرضا الكامل عن خلوته بالمعنى الحقيقي بصورته الواقعية.

وفي هذا الصدد تقول السيدة عائشة رضي اللّه عنها وأرضاها عن النبي صلى الله عليه وسلم.

” وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا “، فكان صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل شهر رمضان عشرة أيام إلا عامه الأخير.

والذي فيه وافته المنية كان قد اعتكف فيه عشرين يوما. إذن لنتعرف على الشروط التي يجب مراعاتها عند الاعتكاف.

شاهد أيضاً :كيفية استغلال شهر رمضان وقيام الليل وأهميّة الإعتكاف

الشروط التي يجب توافرها للمعتكف

  • أولاً : أن يكون المسلم متسما بالعقل.
  • ثانياً : أن يكون المسلم أيضاً متسما بالإيمان.
  • ثالثاً : أن يكون المسلم قد اتخذ في نفسه نية التقرب إلى الله منذ البداية وحتى نهاية الاعتكاف كأي عبادة يسبقها النية المبنية بالقلب.
  • ويلاحظ حين اتخاذ النية للاعتكاف فى المسجد أن تكون بغرض التقرب إلى الله تعالى.
  • ولا يشترط أن يكون الهدف أو القصد من الاعتكاف هو الإقبال على الاستزادة من الصلاة أو الدعاء.
  • وإن كان ذلك هو الأفضل للمؤمن بل والأكمل، فبالرغم من كون الاعتكاف عبادة في حد ذاته يصلح لأن نتخذه بقصد التقرب الى الله سبحانه وتعالى.
  • فإننا إذا جمعنا إلى جانب النية في الاعتكاف أن نستحضر أيضا نية تحصيل المزيد من الصلاة والدعاء كان ذلك.
  • مزيد من الخير وكأنما أصبنا فيض من الحسنات، ولكن يجب من استحضار وتجديد النية قبل الشروع في الاعتكاف.
  • ويا حبذا لو تم عقد النية منذ ساعات الليل لتقديمها قبل بزوغ الفجر للبدء في الاعتكاف .
  • رابعاً : على المسلم أن يصوم الأيام الثلاثة ويلاحظ أن من لا يقبل صومه لا يقبل منه أيضا الإعتكاف.
  • ونضرب أقرب مثال لهذا أن المرء إذا كان مريضاً أو إذا كان على سفر.
  • فهنا لا يتأتى لأحدهما أن يعتكف كما أنه لا يتأتى له الصوم كرخصة شرعه الله له إياها.
  • أما إذا عزم المسافر على الصيام في سفره هنا يتسنى له أن يصوم ويعتكف دون أدنى مشكلة.
  • كما يصح للمعتكف أن يتخذ نية الصيام طالما كان هذا الصيام مشروعا بالنسبة له كأن ينوى بذلك الصيام قضاء.

شروط آخري يجب توافرها

  • صيام سبق عليه أو ينوى صيام كفارة وجب عليه قضاؤه، كذلك يصح للمعتكف أن يصوم أى صيام مستحب بشرط.
  • ألا يكون عليه صيام واجب، كأن يكون عليه صيام قضاء من شهر رمضان.
  • فإذا عزم الاعتكاف في أيام غير أيام شهر رمضان، هنا وجب عليه يتخذ نية صيام قضاء الصوم الواجب أولا.
  • كذلك يجب الأخذ في الاعتبار أنه كما يجب توافر شروط معينة في الشخص المعتكف.
  • كأن يكون الشخص ممن صح صومه، كذلك يجب توافر شروط في أيام الاعتكاف.
  • بأن تكون أيضًا أيام يصح فيها الصيام، فمثلاً كما أنه لا يجوز الصيام في أيام عيد الفطر المبارك.
  • ولا يجوز كذلك في أيام عيد الأضحى المبارك، فإنه كذلك لا يجوز الاعتكاف في مثل هذه الأيام المباركة.
  • إذ أنه لا يقبل فيهما الصيام فلا يقبل فيهما الاعتكاف أيضًا.
  • ولأن الصوم شرط من شروط صحة الاعتكاف فإن كل ما يبطل الصيام.
  • ويفسده فإنه كذلك يبطل الاعتكاف ويفسده، حيث أن المشروط يبطل ببطلان شرطة.

أمور تخص الإعتكاف

يجب معرفة عدد من الأمور عند دراسة الاعتكاف في رمضان وهي :

  • يجب أن نأخذ كذلك في الاعتبار عدد الأيام والليالي التي يجب ألا يقل عنهم أيام الإعتكاف.
  • حيث أنه يجب ألا يقل عن ثلاثة نهارات كذلك يجب أن تتوسطها ليلتان، ويجوز أن نستزيد فوق ذلك.
  • كذلك لا يقبل الاعتكاف في مسجد صغير أو جانبي بل إنه لا يصح الإعتكاف.
  • ولا يقبل إلا في مسجد كبير ورئيسي ومعلوم في البلدة، معروفًا كمسجد جامعًا للناس.

مبطلات الإعتكاف

  • لا يجوز توزيع الاعتكاف بين مسجدين أو أكثر حيث لا يصح الاعتكاف إلا في مسجد واحد.
  • حتى ولو كان المسجدين متجاورين أو متقاربين، ولهذا فإذا استحال التواجد أو البقاء في المسجد لأى سبب كان.
  • فإن الاعتكاف يبطل في هذه الحالة حيث امتنع تواصل الاعتكاف في نفس المسجد.
  • وعلى الجانب الآخر يجوز له التنقل في كافة أنحاء المسجد طالما داخل نفس المسجد حتى وإن كان نيته نحو الإعتكاف.
  • في زاوية بعينها، فلا يعتد بهذا القصد فيجوز له التجوال في كل جنبات المسجد.
  • ألا يجوز للمعتكف الخروج من المسجد إلا إذا كان هناك ضرورة شرعية أو ضرورة عرفية تقتضي ذلك.
  • فمثلاً يجوز له أن يخرج لضرورة كحاجته الاغتسال والتطهر من الجنابة.
  • فالأصل أنه لا يجوز له شرعاً المكوث أو البقاء في المسجد دون الاغتسال والتطهير.
  • حتى وإن أمكنه ذلك، وكذلك أيضًا أن يخرج ليشهد صلاة الجمعة عند إقامتها.
  • كذلك له من الضرورات العرفية أن يجوز له الخروج ليقضي حاجة أو يتداوى إيذاء.
  • أي مرض تسبب له في حدوث أي ضرر، ولا يشترط لخروجه أن يكون قد استحال عليه الإتيان بحل.
  • هذه المشكلات إلا خارج المسجد، إذ أنه حتى لو أتيح له الاغتسال داخل المسجد.
  • عند ملامسته للميت داخل المسجد، أو أن يستقبل الطبيب داخل المسجد، جاز له الخروج حتى وإن كان في استطاعته الإتيان بهذه الحلول.
  • وهو داخل المسجد إلا إنه يصح له الخروج للقيام بالاغتسال في بيته أو للتداوي في المشفى أو في عيادة الطبيب.

وفي النهاية بعد عرض موضوع الاعتكاف في رمضان نستطيع القول أن يوجد أسباب عديدة تبطل الإعتكاف ومنهم أيضاً الخروج إن كان الخروج لضرورة شرعية أو عرفية كما سلف ذكره، أما إذا كان خلاف ذلك وكان خروجًا عن عمد هنا يبطل الاعتكاف، كذلك إذا كان الخروج دون ضرورة سواء جهلا أو لنسيان دون اتخاذ الحيطة، ولكن لو خرج ليعالج مريضًا أو لتشيع جنازة أو أن يكره على الخروج هنا يستثنى من الشروط ويقبل الاعتكاف دون بطلان.