صيام رمضان عبادة ربانية يجدد فيه المسلم علاقته بربه، ويحظى بفيض الله تعالى من النعم، والبركات، والنفحات الربانية فهو شهر كريم اختصه الله بالذكر في كتابه تعظيمًا لشأنه، وعلوًا لمنزلته، وجعل جزاء الصيام خاصًا به فلا يقدر أي من الملائكة كتابة جزاء الصيام لا يحتوي قدره، ولا يعرف منتهاه إلا الله فقد قال رب العزة في الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم (الصيام لي، وأنا أجزي به) فهنيئًا لمن صام نهاره، وأقام ليله فقد جعله الله موسمًا للطاعات، ومحطة للتزود بالطاقة الربانية الإيجابية التي تنمي العقل، وتهذب النفس، وترضي الرب فهيا نتعرف على ماهيته، وما يتعلق به من حدود لكي يتقبل الله منا صيام الشهر الكريم.
تعريف رمضان في اللغة العربية
كما نعلم ان لكل كلمة في اللغة العربية معنى، وأصل، ولكل كلمة باللغة العربية.
مرادفات كثيرة فقد نزل القرآن بلغة العرب فصحاء اللسان طلقاء البيان.
قال تعالى في شان القرآن الكريم : ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ﴾[الشعراء: 193]. ﴿عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ﴾[الشعراء: 194]. ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾[الشعراء: 195].
كلمة رمضان اصلها اللغوي رَمَضَ : بمعنى اشتد حره ،ومن
الأقوال المأثورة رَمَضَت الأرض : بمعنى زادت عليها حرارة
الشمس، رَمَضَ الصائم : جف حلقه من شدة العطش.
سبب تسميته رمضان
اختلفت الأقوال في تفسير ذلك وهذا بعض ما ورد.
- بعضهم قال سمي به بسبب شدة الحر فيه .
- يرمض الذنوب بمعنى يحرق الذنوب فهو شهر ذهاب الذنوب عن العباد.
- وقيل مأخوذ من كلمة الرمض، والرمض على مطر ميقاته فبل فصل لخريف يغسل الأبدان، ويطهر القلوب فهو شهر يطهر الله فيه عباده.
شاهد أيضاً :ما هي الحكمة من فرض الصيام وأهم السنن التي تفعل لفريضة الصوم
ما هو صيام رمضان
صيام رمضان ركن من أركان الإسلام، وهو عبادة بدنية لا يقوم بها شخص عن شخص معلوم من الدين بالضرورة مفطره آثم قلبه، منكره اتفق العلماء على كفره.
- بعرف في اللغة العربية على إنه الإمساك بمعنى الامتناع ومنه الامتناع عن الكلام.
- قال تعالى : ﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا﴾[مريم: 26].
- يعرف في الشريعة الإسلامية على إنه الإمساك، والامتناع عن شهوتي الفرج، والبطن من طلوع الفجر حتى غروب الشمس.
- دليله من القرآن الكريم، والسنة.
- قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة: 183].
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه)
شروط صحة صيام رمضان
لكل عبادة فرضها الله عز وجل شروطًا لابد من توافرها حتى يتحقق كمال التقرب إلى الله، ولمنزلة صيام رمضان العظيمة لابد للمسلم ان يستوفي شروط صحة الصيام، وإليكم الشروط التي اتفق عليها الفقهاء.
- الإسلام: لقول الله عز وجل:( يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام) فالمسلم هو المخاطب من قبل الله.
- العقل: فقد رفع القلم عن المجنون.
- البلوغ، والتمييز: وهو السن الذي يبدأ فيه تكليف المسلم بالفرائض.
- النية: والنية محلها القلب، وقد اتفق الفقهاء على أنه من عزم على فعل شيء فقد نواه.
- عدم وجود مالا يصح الصيام بوجوده: كالحيض، والنفاس، والأمراض المانعة للصيام.
- العلم بدخول وقت الصيام: وهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
شاهد أيضاً:ما هي أحكام رمضان والصيام وما هي المفطرات والمفسدات
آداب صيام رمضان، ومستحباته
لصيام رمضان آداب، وأمورًا مستحبة يجب على الصائم التحلي بها والأخذ بما فيها بقدر استطاعته حتى يأخذ الصيام رونقه، وتجليه على نفس المؤمن من هذه الآداب.
- تعجيل الفطر: من الأمور التي وصى بها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله:( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر).
- تأخير السحور: أحد البركات الموجودة في صيام رمضان.
- لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( تسحروا فإن في السحور بركة)
- ترك اللغو، والرفث: يجب على المؤمن كامل الإيمان أن يجتنب في صيامه ما يبعده عن تحصيل الدرجات العالية.
- من ثواب الصيام، ومنها اللغو في الكلام، وقيل، وقال فيما لا يفيد، والغيبة ، والنميمة.
- فقد قال النذير البشير صلى الله عليه وسلم ( إذا كان صيام يوم أحدكم فلا يرفث، ولا يجهل، وإن سابه أحد، وِاتمه فليقل إني امرؤ صائم).
- كثرة الدعاء، والاستغفار: الدعاء مخ العبادة، والله عز وجل يحب العبد اللحوح في طلبه.
- وفي رمضان يستحب فيه الدعاء كما أخبر المختار صلى الله عليه وسلم ( للصائم دعوة لا ترد).
- كما ان الاستغفار يفرج الضيق، ويزيل الهم، ويبسط الرزق قال تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾[نوح: 10]. ﴿يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا﴾[نوح: 11].
- ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾[نوح: 12].
القيام، والتهجد في رمضان
القيام، والتهجد من السنن الموجودة في السنة المطهرة يجد فيه المؤمن راحته ومبتغاه، وقربه من ربه لنيل رضاه، وهي تعطي ليالي رمضان رونقًا، وبهجة يسعد بها في دنياه، وأخراه، ومن آداب القيام صلاتها في جماعة في المسجد،، والتزيين، والتطيب عند الذهاب للمسجد لأدائها، وحسن الاستماع لما يتلى من آيات الله في ركعاتها، وأن يكون إمام المسلمين حسن الهيئة عذب الصوت يحبه الناس، ويقروه.
زكاة الفطر
زكاة الفطر من الزكوات المفروضة على كل بالغ عاقل، وعلى كل من يفترض عليه مؤنته مثل الزوجة، والأبناء ووقتها شهر رمضان المعظم يخرجها الصائم عن ما فضل عن قوته وقوت من يفترض عليه مؤنته من اليوم العيد وليلته.
- تصرف زكاة الفطر بالحد المعين لها، وهو صاع.
- وتكون من أصناف كثيرة كالأرز، والتمر وغير ذلك لما ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
- “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو انثى من المسلمين”
- يقدر الصاع بما يعادل ثلاثة كيلو تقريبا، وبما يعادل خمسة أرطال وثلث بالكيل العراقي، أو يعين بالمد، والمد هو ملء كفي الشخص المعتدل، وهو أربعة أمداد.
- مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان ذهب إلى أن حد الصاع ثمانية أرطال.
وقت زكاة الفطر
كما نرى أن اختلاف فتاوى العلماء رحمة بالناس وأن ديننا الحنيف دين التيسير والتسهيل حتى يتمكن المسلم من أداء عبادته على النحو الذي يقربه من ربه عز وجل نرى أن في وقت إخراج زكاة الفطر رأيان.
- الرأي الأول يكون من الواجب على المسلم إخراج الزكاة، وأنها يلزم إخراجها بعد غروب الشمس من آخر يوم من الشهر الكريم. حيث أنها وجبت بانتهاء الصيام.
- الرأي الثاني وهو رأي الإمام أبو حنيفة أنه يستوجب إخراجها بعد طلوع فجر يوم عيد الفطر قبل الصلاة.
- الحكمة من إخراج زكاة الفطر
- زكاة الفطر طهرة للصائم، وهي تسد الخلل الذي قد يرتكبه المسلم عند صيامه، أو تقصيره في واجب من واجبات الصوم.
- الوقوف بجانب الفقير والسؤال عنه، وإدخال الفرحة عليه هو وأولاده.
- الإقرار بفضل الله عز وجل على تمام فريضة الصيام.
في نهاية بحثنا نكون قد أدركنا بشيء من التفصيل، والتحليل عن ماهية صيام رمضان، وواجباته، وآدابه التي على كل مسلم أن يدركها حتى يرضى عنه ربه، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.